تحليل إخباري

مقاعد خالية.. عزوف دولي عن المشاركة بمؤتمر “دافوس الصحراء”

قاعة كبار الشخصيات بالمؤتمر ويظهر فيها خلو القاعة من الحضورالدوليين – مصدر الصورة: وكالة الأنباء السعودية واس

انطلق مؤتمر الاستثمار السعودي “دافوس الصحراء”، يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 بالعاصمة “الرياض”، ويستمر حتى الخميس 25 أكتوبر 2018، والذي ينظمه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، متحديًا إعلان العديد من وزراء الدول وكبار رؤساء الشركات العالمية مقاطعتهم فعالياته، على خلفية مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية بـ”إسطنبول” التركية.

وكشفت الصور الرسمية التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية واس، قاعة المؤتمر خاوية من الحضورالدوليين، بعدما أظهرت الصور مقاعد مقاعد كبار الشخصيات في المؤتمر لا يجلس بها سوى نائب رئيس دولة الإمارات، وحاكم دبي، ورئيس وزراء باكستان، وباتريك بوياني رئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية “توتال”، التي تعد الاسم التجاري الوحيد البارز الذي قرر المضي قدما في حضور المؤتمر.

قاعة الحضور بالجلسة الأولى للمؤتمر – مصدر الصورة: وكالة الأنباء السعودية واس

 

انسحابات بالجملة

قضية خاشقجي، أدت إلى انسحاب مسؤولين دوليين ورؤساء شركات من المؤتمر، ويعد أبرز الغائبين عن المؤتمر، وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الذي ألغى مشاركته بالمؤتمر بعد دقائق من لقاء جمعه بولي العهد السعودي محمد بن سلمانقبل يوم واحد من انطلاق المؤتمر.

كما ألغت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد مشاركتها بالمؤتمر أيضا، فضلًا عن رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء فرنسا “أو دي إف” جان برنار ليفي، ورئيس مجلس إدارة شركة “سيمنز” جو كايزر، ومؤسسات إعلامية بارزة بينها بلومبرغ و”سي إن إن” و”فايننشال تايمز”.

 

تخبط في التنظيم

وشهد الموقع الرسمي للمؤتمر عملية اختراق مساء الاثنين 22 أكتوبر 2018 وضع المخترقون فيها صور الصحفي خاشقجي، وأسفرت تلك العملية عن إغلاق الموقع كليا لعدة ساعات، قبل أن يعاد فتحه من جديد لكن مع إزالة لائحة المتحدثين وبعض الموضوعات التي كانت تتحدث عن ضخامة أعداد الحاضرين.

كما تسلم الصحفيون بريدا من إدارة المؤتمر أكدت فيه إلغاء كلمة ولي العهد في اليوم الأول وإرجائها لليوم الثاني، قبل أن يعود ابن سلمان ويظهر برفقة عدد من الشباب السعودي الحاضر بالمؤتمر لالتقاط بعض الصور التذكارية.

وأشار مغردون أيضا إلى أن تنظيم المؤتمر بفندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة السعودية يُعد اختيارًا سلبيًا، في ظل ارتباط الفندق بواقعة اعتقال عشرات الأمراء من العائلة الحاكمة بالمملكة، آل سعود، في سبتمبر من العام الماضي.

ومع انطلاق المؤتمر، تأكد غياب ابن سلمان عن افتتاحه فعلا، وافتتحته سيدة الأعمال السعودية لبنى العليان، التي لم تستطع تجاهل قضية خاشقجي، فأكدت أن “المملكة ستنفذ القانون فيما يتعلق بمقتل المواطن جمال خاشقجي”، قبل أن تعبر عن امتنانها “لمن حضر فعاليات المؤتمر”، في ظل المقاطعة الواسعة لأعماله من جانب شخصيات وشركات أجنبية.

 

أزمة كبرى

مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول قبيل انعقاد المؤتمر بأسبوعين فقط، طغى على أخبار المؤتمر الذي أطلقت عليه وسائل إعلام محسوبة على النظام السعودي اسم “دافوس الصحراء” تيمّناً بالمنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية الذي انعقد العام الماضي.

ويهدف المؤتمر ظاهريًا إلى استقطاب الاستثمارات للمملكة، فيما يؤكد محللون أن الهدف الحقيقي للمؤتمر هو سعى السلطات السعودية من خلال هذا الحدث إلى تقديم المملكة المحافظة على أنها وجهة تجارية منفتحة ومربحة، لتمهيد الطريق لمبادرات جديدة وعقود بمليارات الدولارات.

 

فشل ذريع

لكن المؤتمر فيما يبدو قد مني بالفشل التام إثر السخط العالمي المتصاعد جراء اغتيال الصحفي المعارض داخل قنصلية المملكة، لا سيما بعد اعتراف المملكة بالواقعة، لكن مع تسويق رواية لم تلق قبولا في المجتمع الدولي، بأن خاشقجي مات في شجار مع 18 شخصًا داخل القنصلية، أحدهم طبيب تشريح يحمل منشارًا طبيًا.

ومن جانبه، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه غير راض بما سمعه من السعودية بشأن مقتل خاشقجي، وأكد في تصريح لصحيفة يو.إس.إيه توداي، أنه يعتقد أن وفاة خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول كانت “مؤامرة باءت بالفشل”.

 

مكابرة سعودية

وعلى ما يبدو، فإن فشل المؤتمر كان متوقعا بحسب اقتصاديين، سيما مع إصرار الطرف السعودي على روايته المنهكةفي قضية خاشقجي، رغم محاولات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لاسترضاء المجتمع الدولي.

الجبير قال في تصريح صحفي إن ملف القضية لم يُغلق بعد، وأن المملكة تعمل على إجراء تحقيق معمق وشامل في الواقعة، واعدًا بـ”إرساء آلية وتدابير لضمان عدم تكرار أمر كهذا بعد اليوم”.

لكن ما أفسد خطة الجبير للمراوغة هو انكشاف هدفها من خلال تأكيده المتكرر على أن ولي العهد محمد بن سلمان لم يكن على علم بما حصل، فيما تعتبره الجهات الحقوقية تحايلا عن محاكمة المتهم الأبرز في القضية، والبحث عن كبش فداء بديل عنه.

وأيّا ما يكن، فقد أظهر فشل المؤتمر، والغياب الواسع لضيوفه، ضعف حجة الرواية السعودية في قضية خاشقحي، وافتقار الحجة السعودية للإقناع، وهو أمر يضع العالم أمام مسؤولية كبرى لإرساء مقاليد العدالة، وألا تكون مقاطعة المؤتمر هي أقصى ردات الفعل الاقتصادية على جرائم حقوق الإنسان.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى