تحليل إخباري

اتفاق الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة.. انسحاب أميركي يمنح الأفغان النصر

بعد سنوات طويلة من الصراع المسلح بين حركة طالبان الأفغانية وجيش الولايات المتحدة الأمريكية فوق أراضي جمهورية أفغانستان، جاء الإعلان عن توقيع اتفاق بين المتحاربين في العاصمة القطرية الدوحة ليتوّج سنوات من قوة إرادة الشعوب في التحرر والاستقلال، والتي أجبرت القوة العسكرية الأولى عالميا على التفاوض معها بل وأن تحصل على مكاسب كبيرة أيضا.

مراسم التوقيع في الدوحة حضرها المبعوث الأمريكي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد والمسؤول السياسي لطالبان الملا عبدالغني بارادار، وأشرف عليها أمريكيا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي قال إن الاتفاق يمهد الطريق أمام الولايات المتحدة للانسحاب من أطول حروبها عبر التاريخ.

حضور لافت للحركة

وبعد توقيع الاتفاق، قال المتحدث باسم حركة طالبان، الثلاثاء 3 مارس 2020، إن كبير مفاوضي الحركة الملا بردار أخوند أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استمرت أكثر من 30 دقيقة.. وهو ما أكده الرئيس الأمريكي، في تصريح للصحفيين بالبيت الأبيض حين قال إنه تحدث مع أحد زعماء حركة طالبان الأفغانية الإسلامية وإن المحادثات كانت جيدة للغاية.

بنود الاتفاق

وفقاً للاتفاقية المبرمة بين الطرفين، يتضمن اتفاق السلام الشامل والمستدام 4 أجزاء:

  • ضمانات بمنع استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعات إرهابية دولية أو أفراد ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها.
  • جدول زمني لسحب جميع قوات الولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان.
  • تسوية سياسية تنتج عن الحوار بين الرئيس الأفغاني وطالبان.
  • وقف إطلاق نار دائم وشامل.

مكاسب كبيرة للحركة

بحسب بنود الاتفاقية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيلتزمون بسحب قواتهم المتبقية من أفغانستان في غضون 14 شهراً بعد الإعلان عن هذا الإعلان المشترك، لتهيئة الظروف للتوصل إلى تسوية سياسية وتحقيق دائم ومستدام لوقف إطلاق النار.

وفي ملف الأسرى، تضمنت الاتفاقية أن تدخل حكومة أفغانستان في مفاوضات تجريها الولايات المتحدة مع ممثلي طالبان اعتماداً على تدابير بناء الثقة، لتشمل تحديد جدول للإفراج عن أعداد كبيرة من السجناء من كلا الجانبين.

وفي ملف العقوبات، شملت الاتفاقية أيضا التزام الولايات المتحدة ببدء التواصل الدبلوماسي مع أعضاء مجلس الأمن الدولي لإزالة أعضاء طالبان من قائمة العقوبات، بهدف تحقيق هذا الهدف بحلول 29 مايو/أيار 2020، في موعد لا يتجاوز 30 يوماً بعد الانتهاء من اتفاق إطاري ودائم ووقف إطلاق النار الشامل.

صاحب الأرض يفرض كلمته

يمثل توقيع هذا الاتفاق، بحسب بيان للحركة، ترسيخا لمفاهيم المقاومة والممانعة، حيث وجدت الولايات المتحدة صاحب الجيش الأقوى عالميا، نفسها مجبرة على التفاوض مع من كانت تصفهم بالإرهابيين على مدار سنوات، بعدما أصبحت غير قادرة على إحراز النصر على الأرض الأفغانية، مع أن ترامب يرفع دائما شعار “القوة المفرطة” في خطاباته الجماهيرية.

أثبتت تلك الاتفاقية أنه يمكن لقوة عسكرية بسيطة تدعمها إرادة شعبية في التحرر والاستقلال أن تجبر الولايات المتحدة المتحصنة بكل حلفائها على التفاوض معها رأسا برأس، وأن تخرج من تلك التفاوضات بما يشبه الهزيمة الكاملة لكن في مراسم احتفالية لحفظ ما تبقي من ماء الوجه الأمريكي.

ولعل أبرز ما يعكس هذه الروح الانهزامية لدى الولايات المتحدة، ما تضمنته الاتفاقية من لغة ظهرت في بنودها الختامية، والتي جاء فيها: “بناء على تلك الاتفاقية، سوف تمتنع الولايات المتحدة عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأفغانستان أو التدخل في شؤونها الداخلية، وستواصل الولايات المتحدة العمل من أجل بناء إجماع إقليمي ودولي لدعم الجهد المستمر لتحقيق تسوية سياسية للصراع الرئيسي في أفغانستان”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى