تحليل إخباري

الانتخابات الفلسطينية ..كيف تستعد إسرائيل وحلفاؤها لتكرار سيناريو 2006 وفوز حماس؟

يتذكر الإسرائيليون وحلفاؤهم في أبو ظبي جيدا أنه في آخر انتخابات فلسطينية تم إجراؤها عام 2006، فازت حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما وضع المقاومة للمرة الأولى في موضع اتخاذ القرار المباشر، مما حجز إسرائيل في زاوية الاستعداد الدائم أمام توقعات مستمرة بخطوة فلسطينية رسمية تصعيدية في أية لحظة، فضلا عن خسران إسرائيل حليفها الدائم المستمر في التنسيق الأمني من حركة فتح لم تخسره أبدًا.

واليوم، وبعد أن أنهت لجنة الانتخابات المركزية في فلسطين المرحلة الأولى من استعداداتها الجارية لإجراء الانتخابات، عبر غلق باب التقديم وتسلم القوائم النهائية للمتنافسين رسمياً، بدأ الحديث عن فرص القوى السياسية في الحصول على مقاعد لها في الانتخابات، وبدا واضحا أن جميع المؤشرات تتجه نحو الفائز الذي لا يرغب به أحد إلا الفلسطينيون.. حركة المقاومة الإسلامية حماس.

تمكنت 36 قائمة انتخابية ستنافس على مقاعد المجلس التشريعي البالغ عددها 132 مقعداً، من التسجيل للانتخابات، في وقت حملت فيه الساعات الأخيرة قبل غلق باب التقديم الكثير من المفاجآت، أبرزها وجود 3 قوائم لحركة فتح ينافس بعضها بعضا، وهي: القائمة المركزية للحركة، وقائمة الحرية التي يرأسها ناصر القدوة بالتحالف مع مروان البرغوثي، وقائمة المستقبل المحسوبة على التيار الإماراتي لحركة فتح برئاسة محمد دحلان.

هذا الأمر فتح باب التكهنات حول الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه نتائج الانتخابات القادمة، وإذا ما كان تشتت قوائم فتح يمكن أن يخدم القائمة الموحدة لحركة حماس. وكذلك دور القوائم الأخرى المتنافسة مثل القوائم الأربع المحسوبة على قوى اليسار، و28 قائمة محسوبة على تيار المستقلين والحراكات الشبابية والنقابية.

سيناريو 2006

ويبدو واضحا أنه وفقاً لخريطة المنافسة بين القوى السياسية الفلسطينية، فإن التوقعات تضع هامشاً ضيقاً للفوز أمام المستقلين مقارنة بفرص أعلى للفوز بنسب عالية نسبياً للقوائم ذات التوجه الفصائلي، لأن قطبي الحالة الفلسطينية حماس وفتح، سيكونان ضمن دائرة الاهتمام لدى الناخب الفلسطيني، لا سيما حماس التي تدخل الانتخابات بقائمة موحدة، وستكون المستفيد الأكبر من تشتت أصوات فتح التي تدخل الانتخابات بثلاث قوائم متنافسة، مما يعني تشتيت الكتلة التصويتية الفتحاوية في ثلاثة اتجاهات منفصلة.

وفي انتخابات 2006، بلغ عدد القوائم التي نافست على مقاعد المجلس التشريعي 11 قائمة، فازت منها 7 قوائم فقط، وبلغ عدد من يحق لهم الاقتراع 1.3 مليون فلسطيني.. أما في انتخابات 2021 فالوضع مختلف بشكل كبير، إذ تضاعف عدد القوائم المتنافسة لأكثر من 3 أضعاف من 11 إلى 36، في الوقت الذي ظلت فيه قائمة حماس واحدة فقط، ووصل عدد من يحق لهم الاقتراع إلى 2.5 مليون، ووفق قانون الانتخابات الذي حدد نسبة الحسم بـ1.5%، فهذا يعني أن كل مقعد في البرلمان بحاجة إلى 37 ألف صوت.

هذه المؤشرات تقود لاحتمالية أن نشهد تكراراً لتجربة 2006 بحصول حماس على المرتبة الأولى، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف نسب الفوز، لأن نظام التمثيل النسبي يمنع أي قائمة من الحصول على نسب تفوق 50%.

دحلان.. ورقة الإمارات

يبدو واضحا للجميع إذن أن حماس تقترب من حسم الانتخابات، وهو ما حدا بأبو ظبي بمحاولة وضع بصمتها لعرقلة هذا التحول الديموقراطي الخطير على أمن إسرائيل، فدفعت بتيار يترأسه محمد دحلان النائب المفصول عن حركة فتح، داخل الضفة الغربية، ليصطدم بسلطة محمود عباس ويشعره بتهديد حقيقي على كرسي الرئاسة الفلسطينية مما قد يدفع الأخير إلى إلغاء الانتخابات خوفا على منصبه.

ويمثل دحلان خطراً حقيقياً على رئيس السلطة الفلسطينية، فدحلان يمثل بديلاً مناسباً لأبومازن في عين الإمارات وإسرائيل من أجل تمرير صفقة القرن التي تعثرت برحيل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ويبدو أن عباس يدرك هذا الخطر، فبدأ حملة أمنية واسعة النطاق داخل مخيم الأمعري وسط مدينة رام الله، لاعتقال عدد من كوادر وقيادات تيار دحلان، وإغلاق المؤسسات والجمعيات التي يشرف عليها في المخيم.

وترى السلطة الفلسطينية أن تطبيع الإمارات لعلاقاتها مع إسرائيل هي مقدمة لإحداث تغييرات على مستوى وضع السلطة الداخلي، بطرح اسم محمد دحلان كأحد الشخصيات البديلة لعباس في حال لم يستطع الاستمرار بأداء مهامه الرئاسية، لأنه تجاوزه 85 عاماً، أو تم تغييبه عن المشهد السياسي بضغوط خارجية عربية أمريكية إسرائيلية.

وزادت مخاوف السلطة من هذا السيناريو بعد تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، لصحيفة “إسرائيل اليوم” أن “الإدارة الأمريكية ترى في دحلان شخصية يمكن التعويل عليها لقيادة المرحلة القادمة بعد عباس”.

وربما لهذا السبب أيضا بدأت السلطة خيار الذهاب لمصالحة مبكرة مع حماس، والاتفاق معها على الدخول في حكومة مشتركة، إذ ربما لم يكن ذلك نابعا من كون السلطة وفتح في موقف قوة، بقدر ما يعكس تخوف السلطة من أن يسعى دحلان لتشكيل تحالفات سياسية تسمح له بوصول كرسي الرئاسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى