تحليل إخباري

ترامب يبحث عن ثغرة للطعن في نزاهة الانتخابات حال خسارته

الانتخابات الأمريكية بنظام البريد

يعتبر كثيرون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة، إذ شكلت تصريحاته وقراراته ومعاركه حتى مواقع التواصل الاجتماعي حديثا دائما للإعلام الذي خاض معه أيضا حربا واسعة من التصريحات.

آخر تصريحات ترامب المثيرة للجدل ما طلبه ترامب من مناصريه في الانتخابات الرئاسية التي ستنعقد في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث دعاهم ترامب إلى التصويت المبكر بالبريد قبل الذهاب إلى مراكز الاقتراع للتصويت مرة ثانية، وهو ما اضطر مجلس الانتخابات في ولاية كارولينا الشمالية للتحذير السريع من أن التصويت مرتين أمر غير قانوني.

الرئيس الأميركي حث في تجمع انتخابي بولاية كارولينا الشمالية الناخبين على التصويت مرتين، الأولى عبر البريد والثانية في مركز الاقتراع، وذلك من أجل اختبار متانة النظام في مواجهة التزوير على حد قوله. وقال ترامب “أرسلوا بطاقة الاقتراع عبر البريد مبكرا، ثم اذهبوا واقترعوا. في حال لم تكن بطاقتكم قد جُدولت بعد، فسيتم احتساب صوتكم. لا يمكنكم أن تسمحوا لهم بسرقة صوتكم، هؤلاء الناس يلعبون السياسة القذرة، لذلك إن كان لديكم بطاقة اقتراع غيابي، فأرسلوها”.

محاولات مستميتة للتشكيك

لكن تصريحات ترامب هذه ليست منفصلة عن محاولاته المتكررة للتشكيك في العملية التصويتية المقبلة التي تتم بنظام البريد ضمن تدعيات تفشي فيروس كورنا، حيث كرر الرئيس الأميركي في الفترة الماضية تشكيكه في أن التصويت عبر البريد بكثافة في الانتخابات المقبلة بسبب جائحة فيروس كورونا، قد يفتح الباب أمام تزوير أصوات الناخبين، كما انضم وزير العدل الأميركي ويليام بار إلى الرئيس ترامب في التشكيك بالتصويت عبر البريد قائلا إنه قد يعرّض الانتخابات للتزوير.

ومن تأخر وصول الرسائل إلى إزالة علب البريد من الشوارع، يتهم معارضو دونالد ترامب الرئيس بالسعي إلى تدمير خدمة البريد الأمريكية العامة ليجعل مستحيلا التصويت بالمراسلة، إذ قد يساهم هذا التصويت بترجيح كفة خصمه الديمقراطي جو بايدن. وتتركز حملة الانتخابات الرئاسية منذ أيام على “الخدمة البريدية للولايات المتحدة” (يو أس بي أس) والإصلاحات التي يقوم بها مدير الهيئة الجديد لويس ديجوي وسط ضجة إعلامية كبيرة، حيث يعتبر ترامب أن التصويت عبر البريد سيكون “كارثيا”، وهو ما عارضه خبراء في الانتخابات وعدد من المسؤولين الديمقراطيين الرفيعي المستوى،

دفع هذا رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر وغيرهم إلى دعوة ديجوي إلى جلسة استماع أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب في 24 آب/أغسطس. وقالا في بيان إن ديجوي “من كبار المتبرعين لحملة ترامب، وقد تصرف كشريك في حملة الرئيس لتزوير الانتخابات، مطلقا تغييرات جديدة شاملة تخفض من معايير تسليم” البريد.

وقال كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز إن بامكان الديمقراطيين الحصول على المزيد من التمويل لخدمة البريد إذا كانوا مستعدين لابرام اتفاق بشأن حزمة التحفيز الاقتصادي. ورد رئيس اتّحاد عمال البريد الأمريكي مارك ديموندشتاين بالقول إنه “لا نريد أن تكون أيدينا مقيّدة بسياسات تبطئ تسليم البريد”. وأضاف أنّ “الرئيس يريد تجفيف مصادر تمويل البريد لمنع الناس من التصويت، يجب أن يحصل الجميع على أسهل طريقة للتصويت، بغضّ النظر عمن يصوّتون له”. وأكّد رئيس النقابة أنّ عمّال البريد “سيبذلون قصارى جهدهم لإعطاء الأولوية لبطاقات الاقتراع” والتأكد من وصولها في الوقت المناسب ليتم فرزها.

غضب متصاعد ضد ترامب

صحيفة “واشنطن بوست” ذكرت أن خدمة البريد أبلغت الولايات بأنها لن تتمكن من أن تقوم بتوصيل ملايين بطاقات الاقتراع لاحتسابها قبل الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر. ويريد الديمقراطيون تمويل هذه الخدمة العامة التي يبلغ عمرها مئتي عام التي تجوب شاحناتها الصغيرة البيضاء والزرقاء شوارع الولايات المتحدة.

وقالت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي في رسالة إلى زملائها السبت إن الأمر يتعلق “بتمويل انتخابات سليمة وعادلة في بلدنا”. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لدونالد ترامب. فقد أوضح الخميس في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” اليمينية أنه لا يريد تمويل خدمة البريد “حتى لا تكون مجهزة لتصويت معمم بالمراسلة” لا يرغب فيه.

بايدن المستفيد

يرى المنافس الديمقراطي جو بايدن أن القضية “تعكس صورة ترامب. إنه لا يريد انتخابات”. وعلق على المسألة أيضا الرئيس السابق باراك أوباما الذي قال “لم نر من قبل رئيسا يقول سأقوم بتركيع خدمة البريد وسأقول لماذا بوضوح”.

يرى مراقبون أن ترامب يعارض التصويت بالمراسلة ليعد الناس لإمكانية الاعتراض على النتائج في حال هزم في الاقتراع، حيث ورأى مارك ديموندستين رئيس نقابة عمال البريد “الاتحاد الأمريكي لعمال البريد” أن ترامب “يريد على الأقل إثارة تساؤلات كافية ليفقد الناس ثقتهم”.

ويدرك ترامب أيضا أن التصويت بالمراسلة يمكن أن يشجع على الاقتراع الأمريكيين الأفارقة والمتحدرين من أميركا اللاتينية الذين يبدون أكثر ميلا إلى الامتناع عن المشاركة، بسبب أوضاعهم الهشة في معظم الأحيان. كما أنه يدرك أن الناخبين الديمقراطيين يميلون إلى التصويت بالمراسلة أكثر من مؤيديه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى