تحليل إخباري

ترامب يرفض الاعتراف بالهزيمة.. سيناريوهات تهدد ديموقراطية “المجمع الانتخابي”

 

من بين دول العالم كله، تنفرد الولايات المتحدة بنظام انتخابي معقد، يبدو للوهلة الأولى مربكا ومُعقِدا للمشهد الانتخابي، ويمكن له بسهولة أن يجعل الحاصل على أعلى الأصوات خاسرا! فما مستقبل هذا النظام في ظل مطالبات ديموقراطية عديدة بإلغائه؟

فبعد انتهاء الانتخابات الأميركية هذا العام، وإعلان شبكات الأخبار الرئيسية فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، يجتمع في 14 ديسمبر الجاري كبار الناخبين، وهم أعضاء المجمع الانتخابي الـ538، لاختيار رئيس ونائب رئيس للبلاد وفق نتائج التصويت في ولاياتهم. فمن هم هؤلاء الأعضاء؟ ومن يختارهم؟ وكيف يصوتون؟

نظام معقد

كل ولاية أميركية لديها عدد من كبار الناخبين يساوي عدد ممثليها في الكونغرس بمجلسيه، فلكل ولاية نواب حسب عدد سكانها، وممثلان في مجلس الشيوخ؛ تكساس مثلا لديها 38 من كبار الناخبين، وفرجينيا 13، أما الولايات الأقل كثافة سكانية، مثل آلاسكا وديلاوير، فلديها ثلاثة ناخبين كبار فقط.

وتقوم كل ولاية، عقب التصويت الشعبي في نوفمبر، بتعيين كبار ناخبيها رسميا، وهم الذين اختارهم الحزب السياسي للمرشح الفائز بالتصويت الشعبي للولاية، وتعهدوا بالتصويت له. وكبار الناخبين في غالبيتهم، مسؤولون منتخبون أو حزبيون، ولا تظهر أسماؤهم في بطاقات الاقتراع، وهوياتهم غير معروفة للناخبين غالبا. ويمنح الدستور الولايات حرية أن تقرر آلية اختيار كبار ناخبيها.

يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي في كل ولاية، في ديسمبر، للإدلاء بأصواتهم الرسمية، والتي ترسلها الولايات إلى واشنطن، لإعلان الحصيلة الرسمية في شهر يناير. وتاريخ اجتماع كبار الناخبين حدده الدستور الأميركي، الذي ينص على أن “يجتمعوا ويدلوا بأصواتهم في أول يوم اثنين بعد ثاني يوم أربعاء في ديسمبر”.

ويحصل الفائز في كل الولايات (باستثناء مين ونبراسكا)، على جميع الأصوات الانتخابية للولاية بغض النظر عن تقسيم التصويت الشعبي، في حين يتعين على المرشح الرئاسي أن يحصل على الغالبية المطلقة من أصوات الهيئة، أي 270 أو أكثر، من أصل 538 صوتاً، للفوز.

لصالح الجمهوريين

التاريخ يشهد بأن العمل بنظام المجمع الانتخابي لطالما جاء في صالح الحزب الجمهوري، لأنهم يحصدون غالبية أصواته، ولذلك لا يبدو غريبا أن دعوات ديموقراطية متكررة لإلغاء العمل به تخرج كل فترة، بحجة كونه نظاما فريداً من نوعه، ويختلف عن الأنظمة الديمقراطية المتعارف عليها التي ينتخب فيها المواطنون الرئيس بشكل مباشر.

هذا النظام الذي يعود إلى تاريخ 1787م، اليوم يتعرض لهجمة انتقاد واسعة النطاق تطالب بأن يعاد النظر فيه وإحداث تغيير من خلال تبني النهج الانتخابي التقليدي الموجود في أغلب الدول الديموقراطية ألا وهو التصويت الشعبي المباشر من قبل الناخب.

هذا التحول يعد منعطفاً خطيراً في شكل الديموقراطية كما نعرفها في أميركا، وقد يكون بمثابة المسمار الأخير فى نعش حظوظ الجمهوريين بالفوز بكرسي الرئاسة. فنتائج التصويت الشعبي، التي بدأ توثيقها في عام 1824م، كانت في الغالب من نصيب الديمقراطيين.

كان آخر تلك المواجهات في انتخابات 2016، فقد تقدمت كلينتون هيلاري بما قدره (2,864,974) صوت فارق عن ترمب بالرغم من فوز ترمب الساحق عبر المجمع الانتخابي، وهذا يعود إلى كون الديمقراطيين يسيطرون سيطرة كاسحة على الولايات ذات التعداد السكاني الكبير وعلى رأسها ولاية كاليفورنيا.

دعوات للإلغاء

اليوم هبت رياح التغيير على هذا النهج التاريخي والنموذج الفريد من نوعه في انتخاب رئيس الدولة ونائبه. فقد أعلن السناتور الديمقراطي”جيف ميركلي” أنه سيقدم مشروع قانون يهدف لإلغاء”المجمع الانتخابي”كجزء من حزمة من مشروعات قوانين لإصلاح الانتخابات.

مشروع القانون هذا سيتطلب تعديلاً دستوريًا لاستبدال انتخاب الرئيس بتصويت شعبي مباشر بدلاً من آلية “المجمع الانتخابي” الحالية. وفي حال نجاح هذا المشروع يتوجب على كثير ممن تربطه علاقات مع الولايات المتحدة الأميركية أن يفكر في تأثير ذلك على هذه العلاقة.

كما ينوي السناتور عن ولاية هاواي براين شاتز تقديم مقترح لتعديل دستوري أمام الكونغرس، يهدف إلى إلغاء المجمع الانتخابي، فيما نقلت رويترز عن مساعد لأحد أعضاء مجلس الشيوخ إن التعديل يلقى تأييدا من عدد من الأعضاء، مثل كرستين غليبراند، وديك دوربين، وديان فاينشتاين.

وطالب السيناتور عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، بإلغاء المجمع الانتخابي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكتب عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: “سيفوز جو بايدن بالتصويت الشعبي بفارق أكثر من 4 ملايين”، “فاز المرشح الديمقراطي للرئاسة بالتصويت الشعبي في 7 من أصل آخر 8 انتخابات”، “صوت واحد، ديمقراطية واجدة، نعم، يجب إلغاء المجمع الانتخابي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى