هيئات

منظمة الصحة العالمية.. هل نجحت في دعم الحقوق الصحية لفقراء العالم الثالث؟

تعتبر منظمة الصحة العالمية والمعروفة اختصارا باسم (OMS)، هي السلطة المنوط بها توجيه العمل في مجال الصحة العامة وتنسيقه في إطار الأمم المتحدة، وبمعنى آخر فإنها هي وكالة الأمم المتحدة المختصة بالصحة. ولكن، هل نجحت المنظمة فعلا في دعم الحقوق الصحية لفقراء العالم الثالث أم تركز عملها فقط في البلاد الغنية البيضاء لا سيما في ظل الجائحة الصحية الأبرز التي تواجه العالم ضمن تداعيات فيروس كورونا المستجد.

بداية، تضم منظمة الصحة العالمية 194 دولة عضوًا، وتعمل المنظمة في جميع أنحاء العالم لتعزيز  أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه  لجميع الناس، دون النظر إلى العرق أو الدين أو نوع الجنس أو المعتقد السياسي أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية. ورسالة المنظمة هي تعزيز الصحة والحفاظ على سلامة العالم وخدمة الضعفاء. فالحصول على رعاية صحية ملائمة وميسورة التكلفة حق من حقوق الإنسان، والرعاية الصحية الشاملة مبدأ أساسي يسترشد به عمل المنظمة.

تأسست منظمة الصحة العالمية في 7 أبريل 1948، وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، تتخذ قراراتها من قبل جمعية الصحة العالمية التي تعتبر أعلى جهاز في المنظمة، ومن أهدافها متابعة القضايا الصحية وتوفير الدعم التقني للبلدان الأعضاء، ولها مجلس تنفيذي يتألف من 34 عضوا، وتتخذ من مدينة جنيف بسويسرا مقرا رئيسيا لها، إضافة إلى ستة مكاتب إقليمية حول العالم، هي:

1- المكتب الإقليمي لأفريقيا، ومقره برازافيل في الكونغو.

2- المكتب الإقليمي للأميركتين، ومقره واشنطن.

3- المكتب الإقليمي لجنوب شرق آسيا، ومقره نيودلهي في الهند.

4- المكتب الإقليمي لأوروبا، ومقره كوبنهاغن في الدانمارك.

5- المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، ومقره القاهرة في مصر.

6- المكتب الإقليمي لغرب المحيط الهادي، ومقره مانيلا في الفلبين.

كما تضم المنظمة 150 مكتباً قُطريا، وتشغّل حوالي سبعة آلاف شخص من الأطباء والأخصائيين والخبراء العلميين في علوم الإدارة والاقتصاد والإغاثة في حالات الطوارئ، وتجمع المنظمة نخبة الخبراء في مجال الصحة من جميع أنحاء العالم لإنتاج مواد مرجعية بشأن القضايا الصحية العالمية وتقديم توصيات للارتقاء بصحة جميع الناس. وتتألف منظمة الصحة العالمية من جمعية الصحة العالمية والدول الأعضاء والأمانة.

وبحلول عام 2023، تهدف المنظمة إلى بلوغ أهدافها المليارية الثلاثة، التي تشمل ضمان استفادة  مليار شخص من التغطية الصحية الشاملة، وتمتع مليار شخص بمزيد من الصحة والعافية، وحماية مليار شخص من الطوارئ الصحية على نحو أفضل. فنصف سكان العالم على الأقل يفتقرون إلى الخدمات الصحية الأساسية، والنفقات الطبية التي يدفعها الأشخاص من أموالهم الخاصة تزج بنحو 100 مليون شخص إلى براثن الفقر كل عام.

الهيكلية والإدارة

تقوم الدول الأعضاء البالغ عددها 194 دولة بممارسة السلطة الرئاسية في المنظمة عن طريق جمعية الصحة العالمية. حيث تتألف هذه الجمعية من مندوبين للدول الأعضاء. وتقوم الجمعية بإقرار برنامج المنظمة وميزانيتها لفترة السنتين التالية والبت في أهم مسائل السياسة العامة.

تعقد الجمعية اجتماعا سنويا في جنيف في مايو من كل عام. ولها مجلس تنفيذي يتألف من 34 عضواً يتم انتخابهم لولاية تدوم ثلاث سنوات. ويتولى المجلس تنفيذ قرارات جمعية الصحة وسياساتها. ويعقد المجلس التنفيذي اجتماعاته في يناير من كل عام لاعتماد القرارات التي تتم إحالتها إلى جمعية الصحة، مع عقد اجتماع ثانٍ أقصر مدة في مايو بعيد اختتام جمعية الصحة، وذلك للنظر في المزيد من المسائل الإدارية.

مجالات عمل المنظمة

تهتم المنظمة بتشجيع الأبحاث الطبية، وتقترح عقد الاتفاقيات في شؤون الصحة العالمية وتراقب تفشي الأمراض السارية مثل الجدري والطاعون والأوبئة الخطيرة الأخرى وتعمل على مكافحتها، كما تعمل على توفير الحماية الصحية للأمومة والطفولة، ورفع مستوى الصحة العقلية والنفسية ونشر الوعي من أجل حماية مياه الشرب من التلوث. وتقوم الدول المشاركة بتبادل الخبرات والقضاء على العديد من الأمراض المزمنة والفتاكة، وتقوم أيضاً بعقد العديد من الورش التدريبية التي تهدف إلى تطوير الخدمات الصحية.

طموحات كبيرة

يقول دستور منظمة الصحة العالمية، إن الغرض منها هو توفير أفضل ما يمكن من الحالة الصحية لجميع الشعوب حتى الآن. لتحقيق هذا الهدف بدأت حملة في عام 1998 تسمى “الصحة للجميع في القرن الواحد وعشرون” تسعى لأن تكون درجة الصحة على مستوى أن تسمح لجميع الناس أن تتمتع برعاية صحية جيدة.

وتعرِّف المنظمة الصحة بأنها “اكتمال السلامة بدنيا وعقليا والرفاه الاجتماعي”. هذا التعريف ألزم المنظمة بالعمل على تحقيق هذا الشرط سواء من الأفراد والجماعات؛ لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم والآمال والواقع، وتصور بيئتهم والتعامل مع التغيير.

أنشطة واسعة

ترعى منظمة الصحة العالمية برامج للوقاية والعلاج للأمراض، بالإضافة لتنسيق الجهود العالمية لمراقبة نشوء أمراض العدوى، كمرض السارس ومرض البرداء ومرض الإيدز، كما تدعم المنظمة تطوير وتوزيع لقاحات (تطعيمات) آمنة وفعالة، والكواشف الصيدلانية، والأدوية.

وبعد أكثر من عقدين على مكافحة الجدري، أعلنت المنظمة في 1980 التمكن من القضاء على المرض. وهذا أول مرض يتم استئصاله بمجهود بشري.. وتسعى المنظمة لاستئصال شلل الأطفال في السنوات القليلة القادمة.

وتهدف المنظمة كذلك لتعزيز أمور صحية أخرى غير مكافحة الأمراض ومنها تشجيع استهلاك الخضار والفواكة ومحاربة انتشار التدخين في العالم، وقد أصدرت تقريراً عن أهم الأخطار الصحية عالمياً جاء التدخين فيه أحد أهم عشرة أخطار صحية.

ومن نجاحات المنظمة عملها في تطوير لقاح للإنفلونزا، وتجري المنظمة العديد من الأبحاث ومنها عن تأثير الحقول الكهرطيسية (الهاتف الخلوي) على الصحة، وتحدث بعض أبحاث المنظمات جدلاً حول نتائجها فقد ناقشت شركات التبغ أبحاث التبغ كما تناقش حالياً شركات صناعة السكر تقريراً فنياً أوصى بعدم تجاوز نسبة السكر 10% من القوت الصحي.

لقاح الفقراء

لكن وفي ظل جائحة كورونا، أدت الفجوة بين إنتاج اللقاحات وبين الحصول عليها، إلى إطلاق دعوات لاتخاذ إجراءات طارئة تسمح للدول الفقيرة بتصنيع واستيراد أنواع من اللقاح، ليس لها حقوق ملكية فكرية، حيث كانت كلّ من الهند وجنوب أفريقيا أول من طالب المنظمة، برفع قيود حماية الملكية الفكرية عن هذه الأدوية، مثلما فعلت مع الأدوية الخاصة بمقاومة الفيروس المسبب لفقدان المناعة (آيدز)، في خطوة كان لها دور بارز في إنقاذ حياة الملايين في أفريقيا.

بيد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، عارضت هذا الاقتراح باعتبار أن تطوير اللقاحات ما كان ليحدث “لولا براءة الاختراع”، لكن هذا الموقف دفع منظمة الصحة العالمية ومنظمات الإغاثة الإنسانية التي تؤيد الدعوة -ووصفتها بأنها “لقاح الفقراء”- إلى دقّ ناقوس الخطر، ففي حال لم تستجب القوى الكبرى لهذا الطلب، فإن “تسعة من بين كل عشرة أشخاص في العديد من الدول النامية لن يحصلوا على اللقاح المضاد لكورونا العام الحالي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى