أخبارتحليل إخباري

التعديلات الدستورية في مصر.. «إنقاذ للبلاد أم ترسيخ لديكتاتور»

في شهر نيسان/ أبريل الجاري، أعلن مجلس النواب النواب المصري طرح استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية التي وافق عليها غالبية نواب المجلس، والتي تضمن مواداً تسمح للرئيس المصري الحالي، عبدالفتاح السيسي، بالبقاء على سدة الحكم حتى العام 2030.

ويعرف القانون الدستوري بأنه القانون الأساسي الذي يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.

والدستور بذلك يسير على كل السلطات فى الدولة، ومن ثم كان طبيعيًا نتيجة لذلك أن تظهر قاعدة دستورية القوانين التي تقضي، بأن يصدر أي قانون من خلال الدستور وإلا كان ذلك قانونًا باطلا يتعين على  القضاء الامتناع عن تطبيقه.

وحسب الدستور، الصادر قبل خمس سنوات، تلزم موافقة ثلثي أعضاء المجلس من أصل 596 عضوا على مقترحات تعديله في التصويت النهائي، ثم موافقة الأغلبية في استفتاء شعبي، لتصبح التعديلات نافذة.

وتقول المادة إنه “يلزم موافقة خُمس أعضاء مجلس النواب على مقترحات تعديله، قبل مناقشتها والتصويت عليها، ويجب موافقة ثلثي الأعضاء لإقرارها، ثم موافقة الأغلبية في استفتاء شعبي لكي تصبح هذه التعديلات نافذة”.

ويُذكر أن فترة حكم السيسي بدأت منذ عام 2014، وتنتهي ولايته الراهنة عام 2022، وهي الثانية والأخيرة، بحسب الدستور الحالي، إلا أن التعديلات الدستورية الأخيرة تتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2030.

تاريخ التعديلات الدستورية في مصر

يُعد الاستفتاء الحالي هو التاسع في تاريخ مصر، منذ أحداث تموز/ يوليو 1952، التي أنهت الحكم الملكي وأقامت النظام الجمهوري، حيث أجرت البلاد 8 استفتاءات على الدستور المصري في 54 عامًا.

وانتهت جميع الاستفتاءات على الدستور المصري بالتصويت الكاسح لـ”نعم”، إذ تراوحت نسب الموافقة بين 63.8% و99.9%.

وبرزت في السنوات الأخيرة ظاهرة مقاطعة الاستفتاءات من خلال عدم المشاركة أو إبطال الأصوات، احتجاجاً على نتائجه المعروفة سلفا في مصر.

وفي ما يلي عرض للاستفتاءات الثمانية:

استفتاء تعديل الدستور الاستفتاء في 1965، الذي أقيم لتولي جمال عبد الناصر منصب رئيس الجمهورية العربية المتحدة (مصر حاليا) لفترة رئاسية ثانية يوم 15 مارس 1965، جرت الانتخابات على شكل استفتاء على ترشيح جمال عبد الناصر، المرشح بالتزكية. بلغ عدد المشاركين 5 ملايين و5.8 آلاف و314 نسمة، بنسبة موافقة بلغت %98.8

استفتاء تعديل الدستور في 1971 في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات (1971- 1981) بلغ عدد المشاركين 7 ملايين و867 ألفا و620 نسمة، بنسبة موافقة بلغت 99.9%

استفتاء تعديل الدستور في 1980 جرى في أواخر عهد السادات، وبلغ عدد المشاركين 10 ملايين و467 ألفا و443 نسمة، بنسبة موافقة بلغت 98.9%

استفتاء تعديل الدستور في 2005 في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك (1981-2011)، وبلغ عدد المشاركين 17 مليونا و184 ألفا و302 نسمة، بنسبة موافقة بلغت 82.3%

استفتاء تعديل الدستور في 2007 في عهد مبارك وبلغ عدد المشاركين 9 ملايين و701 ألف و833 نسبة، بنسبة موافقة بلغت 75.9%

استفتاء تعديل الدستور في 2011 في عهد المجلس العسكري، الذي حكم مصر بين شباط/ فبراير 2011 وحزيران/ يونيو 2012، وبلغ عدد المشاركين 18 مليونا و537 ألفا و954 نسمة، بنسبة موافقة بلغت 77.3%

استفتاء تعديل الدستور في 2012 في عهد محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، وبلغ عدد المشاركين 17 مليونا و58 ألفا و317 نسمة، بنسبة موافقة بلغت 63.8%

استفتاء تعديل الدستور في 2014 في عهد الولاية الأولى للرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي (2014-2018) وبلغ عدد المشاركين أكثر من 20 مليونًا، بنسبة موافقة بلغت 98.1%

ردود فعل عالمية

منظمة “هيومن رايتس ووتش”، طالبت الكونغرس الأميركي بالضغط على السيسي، لسحب تعديلات الدستور.

وقال مايكل بَيْغ، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس: “يتعيّن على الكونغرس استخدام أدوات التأثير المتاحة له للضغط على الرئيس المصري لسحب هذه التعديلات الدستورية”، مُشيرا إلى أن “رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، تجنب مرارا وتكرارا التطرق إلى المشاكل الحقوقية في مصر”.

وفي ألمانيا أعربت وزارة الخارجية عن قلقها بشأن التعديلات الدستورية التي تسمح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2030.

وخلال مؤتمر صحفي عُقد في برلين، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية كريستوفر برغر إنه “يُخشى أن تؤدي هذه التعديلات الدستورية إلى توسيع دور السلطة التنفيذية والقوات المسلحة”. وأضاف أنها قد تعوق التغيير في السلطة بالطرق السلمية الديمقراطية.

وأكد المتحدث دعم ألمانيا للاستقرار في مصر، لكنه قال إن ذلك يتطلب إفساح المجال للمجتمع المدني والحوار السياسي في البلاد.

كما انتقدت منظمة العفو الدولية موافقة البرلمان المصري على التعديلات الدستورية، وقالت إنها تمثل ازدراء تاما لحقوق الإنسان.

ردود فعل الشارع المصري

شكلت الأحزاب المصرية المعارضة ائتلافاً ضد التعديلات الدستورية، حيث أعلن 11 حزباً عدم موافقتهم على تلك التعديلات، فيما قدم معارضون مذكرة للمجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن “الانتهاكات السياسية والأمنية المصاحبة للانقلاب على الدستور” .

ولم يشهد الشارع المصري تظاهرات مناهضة ضد التعديلات الدستورية، ولكن اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، حيث دعا المعارضون لتلك التعديلات إلى المشاركة الواسعة بالاستفتاء والتصويت ضد التعديلات الدستورية، والتي اعتبروها تقضي على ما تبقى من الحياة السياسية وتٌدخل البلاد في نفق مظلم.

وشدد المؤيدون لخيار المشاركة مع الرفض على أن المقاطعة ستسهل ما وصفوه بعملية التزوير المتوقعة، مشيرين إلى أن مقاطعة كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة لم تنجح في وقف خطط النظام ولم تنجح في إحراجه خارجيا نظرا لما يتمتع به من دعم إقليمي ودولي.

فيما يتمسك مؤيدون للسيسي، بمطلب تعديل الدستور، مؤكدين أن الرئيس السيسي “من حقه الاستمرار في الحكم، لنجاحه في تحقيق إنجازات بمختلف المجالات”، حيث أكد هيثم الحريري عضو تكتل 25/ 30 المصري، عن نسخة كاملة للمقترحات تشمل منح السيسي، الحق في الترشح لولاية ثالثة مدتها 6 سنوات، رغم أن الدستور بنصه الحالي لا يسمح له بالترشح سوى لولايتين فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى