شخصيات

حبيبة أحمد عبد العزيز.. شهيدة وشاهدة على مذبحة الفض

لم تمهل رصاصات قوات الانقلاب الصحفية المصرية حبيبة أحمد عبد العزيز أكثر من 26 عاما قبل أن تفارق الحياة أثناء مشاركتها وتغطيتها عملية فض اعتصام رابعة العدوية صباح اليوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 لصالح صحيفة “غولف نيوز” الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، التي كانت تعمل مراسلة لدى غرفة أخبارها لنقل فعاليات الاعتصام.

خبر عن وفاتها من الصحفية

انضمت حبيبة إلى صحيفة Gulf News في سبتمبر 2011 كمتدربة متخصصة في تغطية أخبار المجتمع، وثم في أبريل 2012 تم تعيينها في نسختها الإنجليزية “XPRESS” بعد أن حصلت على شهادة في الإعلام في الجامعة الأمريكية في الشارقة.

تقرير من إعداد حبيبة

 لحظة الصدمة

حبيبة من مواليد القاهرة 22/11/1986، لها ثلاث شقيقات أصغر منها وأخ واحد اعتقلته الإمارات بسبب منشورات كتبها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ثم رحّلته إلى القاهرة مطلع العام 2017.. والدها هو الدكتور أحمد عبد العزيز المسشار الإعلامي للرئيس المصري الراحل محمد مرسي، ووالدتها السيدة صابرين منجود.

أروى، الشقيقة الصغرى لـ حبيبة، والتي كانت مقيمة في الشارقة مع والدتها وقت المذبحة، قالت عن استقبال أسرتها لنبأ استشهادها: “أمي تحدثت معها قرابة الفجر. وعند الظهر هاتفتها مرة أخرى لكنها لم ترد. اتصلت مرة أخرى، ورد شخص قال لها إن حبيبة ماتت. والدي الموجود في مصر أكد لنا الخبر لاحقا”.

حياة حافلة

تحكي والدتها صابرين منجود عن الحياة التي نشأت فيها حبيبة في حديث مطول عبر حسابها في فيسبوك، فتقول: “بعد عام ونصف تقريبا من مولدها سافرنا إلى الباكستان ليساعد زوجي المجاهدين الأفغان في جهادهم ضد الروس إعلاميا، فقد عمل مدير مجلة المجاهدون وكان من ضمن عمله نشر صور الشهداء العرب والأفغان في الحرب، وكان وقتها العمل يتم بالقص واللصق قبل دخول الكومبيوتر.

كانت حبيبة تلازم أباها وهو يعمل وتشاهد صور الشهداء وتسأل ونجيب عليها قدر استيعاب عقلها، وكبرت حبيبة ولم تنس ماذا تعني كلمة شهادة، ودخلت المدرسة وبدأت تدرس التاريخ، وكنت أدرسها ما في الكتاب وأقول لها هذا تكتبيه في ورقة الإجابة فقط، أما الحقيقة فهي كذا وكذا..

كانت دائما درجاتها في مادة التاريخ متدنية لأنها كانت تكتب الحقيقة، لا ما يدرسوها إياه.. مثلا سألوها من أول رئيس لمصر؟ (حسب المنهاج هو عبدالناصر) لكنها أجابت محمد نجيب لأنه بالفعل أول رئيس لمصر.

نباهة مبكرة

تحكي والدتها: كانت دائمة السؤال عند مشاهدة نشرات الأخبار وكنت أجيبها الإجابة التي تناسب سنها، وعندما تفتحت مداركها لقد بهرها الجهاد الفلسطيني ورموزه كالشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي، وبدأت تتابع كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية إلى أن التحقت بالجامعة الأمريكية بالشارقة.

التحقت حبيبة بالنادي الفلسطيني في كل فاعلياته وكل ندواته والتعريف بالقضية الفلسطينية في كل الدوريات التي كانت تكتب فيها، إلى أن تم الاعتداء على غزة عام 2008 وكانت ما زالت طالبة بالجامعة، حاولت حبيبة بكل ما تستطيع العمل لجمع التبرعات وعمل مجموعات لتذهب للقطاع وتساعد في العمل الإغاثي ولكن السلطات المصرية وقتها أعاقوا هذا.

ابنة الربيع العربي

تكمل والدتها: حين قامت أول ثورة عربية في تونس الشقيق استبشرنا خيرا بها، وما لبث الامر إلا أن اشتعلت جذوة الثورة في مصر وكانت حبيبة التحقت بجريدة جلف نيوز بدبي كصحفية ولم تستطع النزول والمشاركة في أحداث ثورة يناير ولكنها استطاعت أن تنزل أيام أحداث محمد محمود وشاركت فيها.

ثم اندلعت الثورة السورية ورأينا المجازر التي ارتكبها النظام هناك وبدأت تدعمهم هناك بكل وسيلة: إعلاميا وفي مجال الإغاثة، ورتبت قافلة إغاثية لتسافر معها إلى سوريا ولكن منعها العمل من اللحاق بها إلى أن حصل الانقلاب وانحازت للشرعية تماما، وبدأ اعتصام رابعة وكانت تريد اللحاق به من أول يوم ولكنها تمكنت من ذلك يوم 30 /7 مع بدء إجازتها السنوية ذهبت معتصمة مصممة علي عدم التنازل عن حق الشعب في حريته وعملت في المركز الإعلامي هناك ولكنها كانت تطمح للمزيد فالتحقت بالجزيرة مباشر مصر كمتطوعة.

 لحظات الاستشهاد

ومع استعدادات الفض من قبل قوات الأمن، كانت حبيبة تتحضر لتصوير الجريمة دون خوف، وجاء توزيعها عند طيبة مول خارج رابعة في بداية المواجهات تماما، وكانت بالصف الأول حسب شهود عيان، وكانت ترى قناصة الجيش كما كتبت بوست علي صفحتها، وكما أفادتني في آخر مكالمة هاتفية بيني وبينها، وكانوا يشيرون لها بعلامة الذبح.

وبدأت الجريمة.. وتقدمت حبيبة بخطوات ثابته إلى أقرب نقطة عند الجنود لبث كل ما تستطيع، وإظهار حجم الجريمة، وكل من حولها يصرخ بها: ارجعي ارجعي، وهي تتقدم ليظهر علي الشاشة مباشرة كل شئ، وفعلا كل ما نقلته حبيبة بكاميرا البث استخدم كمادة في الفيلم الوثائقي حريق رابعة علي قناة الجزيرة.

وحتي يوقف الجنود نقل الحقيقة استهدفوها برصاصة غدر في قلبها بالضبط وخرجت من أسفل ظهرها.

تقرير من إنتاج حبيبة حول ضحايا حكم العكسر

ردود الفعل

أصدرت نقابة الصحفيين المصريين بعد ظهر يوم الفض بيانا نعت فيه الصحفية التي فارقت الحياة في سن السادسة والعشرين وطالبت السلطات المختصة بفتح تحقيق فوري لكشف الملابسات الحقيقية وراء وفاتها.

نعاها نائب رئيس تحرير XPRESS مظهر فاروقي بقوله إن الفريق يشعر بالصدمة. وأضاف: “من الصعب أن نصدق أنها ماتت. كانت شديدة الاهتمام بعملها وكان أمامها مستقبل واعد.”.

قائمة طويلة

يذكر أن عددا من الصحفيين أصيبوا خلال أحداث الفض وما تلاهما من اعتداءات على المتظاهرين منهم الزميل أحمد النجار مصور المصري اليوم وطارق عباس المحرر بالوطن ومصطفى الشيمي من “فيتو”.

كما أعلنت شبكة سكاي نيوز البريطانية أن مصورها (ميك دين) البالغ 61 عاما قتل في إطلاق نار ضمن أحداث الفض، ميك له ولدان ويعمل في القناة منذ 15 عاما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى