مؤتمرات علمية

[:ar]”يوم رابعة”.. مؤتمر في لندن لإحياء الذكرى الخامسة للمذبحة[:en]Rabaa[:]

نظم “المجلس الثوري المصري” وعدد من الروابط المصرية البريطانية في لندن، ندوة “يوم رابعة”، في الحادي عشر من أغسطس الجاري؛ لإحياء الذكرى الخامسة لفض اعتصامي رابعة والنهضة بمصر في الرابع عشر من أغسطس 2013، وأسفرت عن سقوط أكثر من 670 قتيلا ونحو 4400 مصابا، بحسب تقارير وزارة الصحة المصرية، فيما تؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أن عدد الضحايا تجاوز ألف قتيل.

افتتح المؤتمر بعرض وثائقي للمذبحة، لخص أحداثها البارزة منذ الدعوة للاعتصام في الثامن والعشرين من يونيو 2013 حتى وقوع المذبحة في الرابع عشر من أغسطس من العام نفسه، مع إبراز معاناة الضحايا والصور الشهداء والمعتقلين.

بعد ذلك، ألقى الدكتور طلعت فهمي، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين عبر سكايب، كلمة وجه خلالها التحية لأهالي الشهداء والمصابين والضحايا، وأكد على استمرار النضال الوطني “حتى يتم الله تعالى نصره على عباده المؤمنين”، بحسب قوله.

وروى الدكتور طلعت مشاهد عاينها بنفسه في الميدان أثناء الاعتصام، وذكر منها أنشودة كان يرددها أحد المعتصمين أثناء فض الاعتصام، وتقول كلماتها: “أنا صعيدي ومش جبان، وجاي أموت في الميدان”، مستشهدا بذلك على أن المعتصمين كان يعلمون أن الاعتصام لم يكن فسحة ولا نزهة، وإنما نضال وطني ضد الانقلابيين.

وحول المذبحة، قال الدكتور طلعت إنها لم تكن ضد جماعة الإخوان المسلمين، وإنما استهدفت شعب مصر كله، الذي خرج بمختلف أطيافه معلنًا رفضه للانقلاب على الشرعية الدستورية ومكتسبات ثورة يناير، كما استهدفت كسر إرادة الأمة وثورات الربيع العربي.

واختتم كلمته بوصف مذبحة رابعة بأنها انتصار وليست انكسار، مؤكدا أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، وأنها ستوقد ثورات الأحرار حتى تحقيق النصر والخلاص لمصر وشعبها.

كما استمع الحضور لروايات عدد من شهود العيان الذين شاركوا في الاعتصامات السلمية وقت وقوع المذبحة، بدأها علي حسين، الصحفي والحقوقي، الذي كان حاضرا للأحداث منذ انطلاقها، وروى وقائع أول هجوم على الاعتصام والذي بدأ مع انطلاقه منذ يوم 28 يونيو من خلال شارع المهندسين العسكريين، بالقرب من عمار المنايفة، حيث أكد أن عمارات الضباط كانت تطلق عليهم الرصاص من داخل المنازل.

ومع استدعاء ذكريات فض الاعتصام، روى حسين اللحظات الأولى لإطلاق النار يوم الفض، وذكر قصة أحد رفقائه الذين تفحموا تمامًا حرقًا بقنابل النابلم التي كان تلقيها طائرات الجيش فوق المعتصمين.

كما ذكر قصة ثلاثة شبان استهدفتهم طائرات الجيش بقنابل النابلم وأحرقتهم في أقل من 30 ثانية تمامًا، ثم أكد أن اكتمال فض الاعتصام تم في اللحظة التي سقطت فيها عمارة المنايفة.

أما شاهد العيان علي عزت فقال إنه كان يظن أن الجيش لن يجرؤ على إطلاق الرصاص حتى شهد مذبحة الحرس يوم 5 يوليو 2013 وشاهد جثامين المعتصمين وهي مقسومة جراء الرصاص، فأيقن ساعتها أن الجيش سيفض الاعتصام بأي ثمن.

واعتبر عزت أن مجزرة رابعة هي “الإرهاب الحقيقي الذي مارسه العسكر، وعمل عبرها على إرسال رسالة للناس مفادها أن الثورة انتهت بعد هذه الواقعة”، لكنه فشل حين خرج الناس مجددا بعد المذبحة في ميدان رمسيس بالقاهرة وفي محافظات مصر الأخرى، ولم تنقطع نضالاته حتى اليوم، بحسب قوله.

أما الباحث الحقوقي، أحمد العطار، فقال إن الجيش لم يكن يسعى لفض الاعتصام فقط، بل كان يريد إحداث أكبر قدر من الضحايا، حيث كانت أغلب الإصابات في الرأس والصدر، ولم تكن هناك أي فرصة للنجاة في الاعتصام.

وقال العطار إن عناصر الجيش كانوا يطلقون الرصاص على أي شيء متحرك في محيط الميدان، حتى إنهم لاحقوا الجثث في مستشفى الإيمان التي تم حشد جثامين الشهداء بها، وأكد أن عددا من الجثث تم سرقتها من قبل قوات الأمن، ولم تظهر حتى الآن.

كما ألقت رئيس المجلس الثوري المصري مها عزام، كلمة بيّنت فيها أن هدف هذه الندوة “ليس التوصيف والتوثيق فقط، بل التخطيط والاستعداد للعودة لمصر، وتحرير ميادينها من الطغمة الفاسدة”، بحسب وصفها.

واعتبرت عزام أن “المجزرة لم تكن موجهة ضد فصيل واحد، بل ضد كل الشعب المصري؛ فهي جريمة ضد كل مواطن مصري، وضد الإنسانية جميعا”، قائلة إنه “من العار بقاء الجناة أحرارا خارج قفص الاتهام رغم كل التقارير الحقوقية والقانونية التي وثقت جريمتهم”.

وألقى الدكتور أنس التكريتي، مؤسس ورئيس مؤسسة قرطبة، كلمة أكد خلالها أهمية توثيق أحداث مذبحة رابعة باعتبارها واحدة من محطات تاريخ مصر الحديثة، ولافتة تتشكل عندها ملامح تلك الفترة العصيبة التي شهدتها المنطقة العربية.

وقال التكريتي إن مذبحة رابعة لن تمحى من ذاكرة المصريين وتاريخ نضالهم الكبير لانتزاع حريتهم وإقامة نظام ديموقراطي حر يضمن للجميع حياة آمنة وسالمة، وتأسيس نظام يحترم حقوق الإنسان ويسعى لإعزازه ورد المظالم إلى أهلها.

أعقب ذلك كلمة للصحفية البريطانية إيميليا سميث، التي تحدثت حول الانتهاكات في سيناء وتهجير الأهالي والمدنيين هناك، مؤكدة أن استمرار تلك الانتهاكات تعد دليلا على “مواصلة النظام نهجه الذي بدأه في رابعة والنهضة باستمرار القمع والنهج الدموي”.

وشارك أمين السياسات الخارجية بحزب الحرية والعدالة محمد سودان بمداخلة تحدث فيها عما أسماه “مجتمع رابعة” الذي تشكل في الميدان بين المعتصمين، وشهد شهر رمضان كاملا بعباداته وطقوسه.

وقال سودان إن مجتمع رابعة كان “مجتمعًا مميزًا انخرط فيه عدد من النشطاء من ثقافات وخلفيات مختلفة، جاؤوا فقط من أجل إيصال رسالة مفادها أنهم يريدون العيش بحرية، وأنهم نجحوا في التعبير عن الشعب المصري الذي يرغب في العيش بحرية وكرامة، في حين قابل العسكر تلك المطالب بالدم والقتل”.

كما ألقى الدكتور داوود عبد الله، نائب الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني ومدير موقع ميدل إيست مونيتور، كلمة أكد خلالها على أهمية العمل التوثيقي لأحداث الثورة المصرية ووقائع الربيع العربي، وفي القلب منها مذبحة رابعة العدوية، أكبر مذبحة سياسية في تاريخ مصر الحديث.

وأشار عبد الله إلى أن إغلاق الصحف والقنوات المعارضة للانقلاب، والانتهاكات ضد الصحفيين، كانت عنوانًا للنهج الذي اتخذه الانقلاب من إهدار الحريات العامة وحرية التعبير.

وأكد عبد الله على ضرورة اعتماد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية كـ”وثائق مهمة ينبغي الاستمرار في البناء عليها، ومتابعة القضايا المرفوعة في بريطانيا وخارجها، من أجل الوصول إلى إدانة المتهمين، وبدء مطاردتهم عبر العواصم الأوروبية التي يمرون بها.

وفي نهاية الندوة، نظم عدد من الفنانين معرضًا فنيّا عبروا فيه عبر لوحات فنية عن معاناة الضحايا والمغيبين في السجون منذ وقوع المذبحة.

وشارك الفنان التشكيلي مختار عبد الله بتجسيد صورة الطفل رمضان الذي فقد أمه في المذبحة وهو يصيح “بالله عليك يا ماما اصحي”، قائلا إن تلك الصيحات وبراءتها لا تفارق مسمعه.

واعتبر أن ما أسماه “التوثيق بالفن” يعتبر “وفاءً للضحايا وتذكيرًا للعالم بأن الجناة ما زالوا بعيدين عن العقاب، وينبغي الوفاء لأرواحهم بتقديم الجناة للعدالة الدولية”.

يشار إلى أن عددًا من المنظمات الحقوقية الدولية قد صنفت مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة السلميين كـ”أكبر عملية قتل جماعي للمتظاهرين في تاريخ مصر الحديث”. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها إن قوات الأمن المصرية ” نفّذت واحدة من أكبر وقائع قتل المتظاهرين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى