تشهد العراق منعطفًا تاريخيًا لثورتها النفطية الغنية، حيث تفرض عليها المرحلة الجارية استثمارها في عمليات الإعمار والبناء بشكل أمثل.. وفي هذا الصدد، استضافت العاصمة البريطانية لندن، صباحية يوم الأحد 8 يوليو 2018، مؤتمرًا علميًا نظمته “جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة” بمشاركة سفارة العراق في لندن، تحت عنوان “صناعة النفط والغاز في العراق.. التحديات والفرص”، بحضور عدد من الخبراء والباحثين المتخصصين في شؤون الطاقة وقضايا البيئة.
الحضور دعوا إلى ضرورة الموازنة بين حاجة العراق المتزايدة لاستغلال موارده النفطية الضخمة في تلبية متطلبات مواطنيه وإعادة إطلاق عجلة التنمية في مناطقه وإعمارها، وبين مراعاة حماية البيئة والحفاظ على الصحّة العامّة من الأضرار الجانبية للصناعة النفطية بمختلف مراحلها.
وذكّر الحضور بمحورية دور قطاع النفط والغاز في الاقتصاد العراقي، وضرورة ترشيد الاستفادة منه إلى أقصى حدّ بحسن تدبير ما يتأتى من عوائده وتجيير قسم من تلك العوائد لتنفيذ سياسة بيئية واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف، من أجل أن تتحوّل الصناعة النفطية من تهديد للبيئة إلى عامل في خدمتها.
ومن بين الحضور شخصيات اعتبارية وأكاديمية متصدرة، بينهم صالح مشتت أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة وولفرهامبتون بإنكلترا، وفالح العامري الخبير النفطي والمدير العام الأسبق لشركة سومو في العراق.
بدورها، أبرزت رئيس الجمعية، جيهان بابان، في كلمتها بافتتاح المؤتمر، الأهمية الاستراتيجية لقطاع النفط والغاز في الاقتصاد العراقي الريعي وضرورة الاستفادة من العوائد النفطية لإعادة إعمار وبناء البلد وتقديم الخدمات وتسديد القروض المحلية والدولية واتباع سياسة استثمارية حكيمة تقلص من البطالة وتطور الصناعات الوطنية والقطاع الزراعي والغذائي.
بابان أكدت أيضا ضرورة أن ترافق زيادة معدلات إنتاج النفط سياسات بيئية في كافة مراحل الاستكشاف والحفر والاستخراج والنقل والخزن والتصدير، وتنفيذ سياقات تقييم المخاطر البيئية المتفق عليها واحترام القوانين والتشريعات الدولية والالتزام بها والتمسك بسياسة نفطية صديقة للبيئة.
أما الخبير النفطي العراقي فاضل الجلبي، فألقى محاضرة بعنوان “تاريخ النفط والغاز في العراق”، قدم فيها لمحة تاريخية عن هذه الثروة معتبرا أن أحد أسباب الخلل في استغلالها هو إخضاع القرار الاقتصادي النفطي لإرادات وغايات سياسية بحتة.
وجاءت مشاركة المدير المؤسس لمعهد الطاقة في العراق لؤي الخطيب، بعنوان “تحسين بناء قدرات الطاقة العراقية في عالم متنافس”. قدم فيها نظرة علمية مدعومة بالإحصاءات وأتبعها برؤية تصورية لمستقبل الطاقة، معتبرًا أن العالم قد تغير منذ 2012 نتيجة متغيرات في سوق الطاقة العالمي الذي بدأ يضم النفط والغاز والطاقة البديلة، والذي يعني أن أمام العراق فرصة ذهبية الآن لتنويع مصادر الطاقة.
وصدرت عن المؤتمر جملة من القرارات والتوصيات من ضمنها مواصلة الاهتمام بأزمة شحّة الموارد المائية التي تواجه العراق، والاستمرار في دراسة متابعة تأثير النزاعات الداخلية على البيئة والصحة، والاهتمام بعلوم الطاقة البديلة المستدامة.